الثلاثاء، 24 أبريل 2012

كيف تدخل الجنة بدون مجهود؟


كيف تدخل الجنة بدون مجهود؟

وهكذا أرى أن"الخطاب الديني في زمن العولمة" أفرغ الدين من أهدافه السامية التي تهدف الى الارتقاء بالانسان والمجتمع ،وتحول الى خطاب اعلاني يسعى الى اختزال القيم في هدف واحد هو :
دخول الجنة بأقصر الطرق

تعالت الدعوات في الآونة الأخيرة مطالبة بتحديث الخطاب الديني ،واستخدام أسلوب يناسب لغة العصر،ويتوافق مع احتياجات الانسان المعاصر.
بالطبع لا أجد فيما سبق أي مبرر للانتقاد ،بل على العكس أتفق تماما مع هذه المبادئ.
لكن لننظر قليلا الى ما أسفرت عنه هذه المطالب،وكيف أصبح الخطاب الديني شبيها بنمط الاعلانات الاستهلاكية،حتى أخشى أن يخرج علينا البعض بفكرة "كيف تدخل الجنة بدون مجهود؟"
وهذا ما أراه بالفعل في الرسائل التي تصلني عبر البريد الالكتروني،أو الهاتف المحمول والتي تتضمن كلمات مثل:
"ارسل كلمة سبحان الله لعشرة أشخاص واطلب من كل منهم أن يرسلها بدوره لعشرة آخرين ،وجمع الحسنات في نهاية اليوم ،ثم اضرب الناتج في عشرة"

وبالطبع أنت حتى لن تجهد نفسك في هذه المسألة فالملائكة سيفعلونها بدلا منك،كل ما عليك أن تضغط  "ارسال"حتى تنهال الحسنات عليك.
وهناك دعاية أكثر عملية تطالب بارسال رسالة فارغة عبر الهاتف الى رقم معين وستحول قيمة هذه الرسالة الى احدى المؤسسات الخيرية!
كما ظهرت الدعاية قرب شهر رمضان تحث (المسلمين)على التبرع بـ"جنيهات قليلة للحصول على حسنات كثيرة"،وتعدهم بأن يكون الثواب :
"الحصول على ثواب صيام شهرين بدلا من شهر"
هذا مقابل التبرع لعمل "شنطة الخير"التي يجهزها متجر معين ويوصلها للفقراء.
 
ولعل أقصر الطرق وأسهلها لدخول الجنة هو "كفالة اليتيم"وقد وعد الرسول الكريم بأن يكون ثواب كافل اليتيم هو أن يصحبه في الجنة بل ويلازمه كملازمة الاصبعين السبابة والابهام!!!!
وبدون مناقشة سند هذا الحديث ومدى ضعفه أو صحته الا أني أتساءل :
ألا يوجد حديث آخر بمعنى أن الرسول الكريم لن يدخل الجنة بعمله الا أن يتغمده الله برحمته؟
أي أنه لا يضمن الجنة لنفسه فكيف يضمنها لغيره؟
وبصرف النظر أيضا عن سمو الهدف من نشر هذا الحديث وأنه يسعى لأمر محمود وهو الاهتمام باليتيم الذي فقد مصدر العطف والرزق ومحاولة تعويض ذلك عن طريق اهتمام المجتمع كله به ،لكن هل تعامل المجتمع بهذا المنطق؟
كل ما حدث هو تدفق الأموال بغزارة على دور الأيتام ،لانفاقها ببذخ في أمور استهلاكية يمكن الاستغناء عنها،في حين تفتقر مؤسسات أخرى لهذه الأموال كالمؤسسات العلاجية والتعليمية ،لكن للأسف يعرض المتبرعون عن الانفاق على هذه المشروعات لأنهم لن يحصلوا على "صكوك الغفران"مقابل انفاقهم عليها.
وهكذا أرى أن الخطاب الديني الحديث أو "الخطاب الديني في زمن العولمة" أفرغ الدين من أهدافه السامية التي تهدف الى الارتقاء بالانسان والمجتمع ،وتحول الى خطاب اعلاني يسعى الى اختزال القيم في هدف واحد هو :
دخول الجنة بأقصر الطرق
6 ابريل 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق