الثلاثاء، 30 يوليو 2013

الى كل طاغية:لا أنت ولا الفوضى...بل الحرية والأمان


بل الحرية والأمان

عشت في سوريا فترات متقطعة لكنها كانت كافية لترسخ في نفسي محبة سورية أرضا وشعبا حتى قاربت مكانتهما عندي مكانة وطني وأهلي.
كانت المرة الأخيرة التي زرت سوريا فيها في مارس 2011 ،بعد ماوصفناه وقتها بنجاح الثورة المصرية ،و كان الشعب السوري  من أكثر شعوب العالم اهتماما ومتابعة للثورة المصرية ،وبصفة عامة الشعب السوري مهتم بالشئون الخارجية  وشئون الوطن العربي اهتماما كبيرا ،ويولي اهتماما خاصا بالشئون المصرية .
وجدت من قابلتهم من الاخوة السوريين يحدثونني عن الثورة ويذكرون تفاصيلها بدقة كأنهم عاشوا في ميادين الثورة ولم يبرحوها فترة الـ18 يوما.
كانوا سعداء بنجاح المصريين في ثورتهم ،سعداء بانتهاء حكم مبارك حليف اسرائيل في المنطقة ،الذي أغلق المعابر وساهم في حصار الفلسطينيين وخان عروبته.
كان الحديث عن الثورة المصرية لاينقطع ،في الجلسات مع الأصدقاء ،في السوق عندما يعلم البائعون –من لهجتي-أني مصرية ،وحتى مع سائقي التاكسي.
أذكر طفلا في حوالي العاشرة قابلني في السوق وعندما علم أني مصرية قال لي:مبروك نجاح ثورتكم وتخلصكم من مبارك،ثم قال مسرعا:لكن احنا بنحب رئيسنا.
هذا الموقف التلقائي من الطفل يمثل موقف غالبية من قابلتهم من السوريين في ذلك الوقت،نعم نحن فرحين بنجاح ثورتكم ،وثورة تونس نعم نتابع الثورة الليبية ونتمنى نجاحها ،لكننا (نحب)رئيسنا ولا ننوي الثورة عليه.
في هذه الأثناء كانت الدعوات بالثورة أو الغضب بين بعض الشباب السوري على الفيسبوك ،وكانت الحادثة الشهيرة لأطفال درعا ،وبدأت المظاهرات في درعا،ثم بدأت تزحف زحفا ثقيلا الى مدن أخرى ،لكنها كانت مظاهرات ليلية محدودة ،وكان يقابلها حشد مظاهرات مؤيدة للنظام.
كان رأي بعض المثقفين الذين تحدثت معهم أن الثورة في سوريا أمر كارثي ،وأن النظام لابد سيتعامل معها بمنتهى القوة مثلما حدث في حماة عام 1982،وأن سوريا ستنقسم الى طوائف متصارعة لأن بها العديد من القوميات والأقليات التي ستسعى للانفصال اذا ضعفت قبضة الدولة .
كان المناخ العام لاينذر بثورة ،لم أسمع يوما أحاديث ساخطة أو نقدا للنظام كما كنا نفعل في مصر في عهد المخلوع ،بل لم تكن هناك أحاديث في الشأن الداخلي الا من نخبة قليلة من المثقفين الذين كانوا يتحدثون بسخرية عن بعض عيوب النظام.
لكن شيئا ما حدث.........
لم أصدق في بداية الأمر ماتذكره وسائل الاعلام الرسمية عن الشبيحة،بل كنت أعتقد أنه نفس منطق "الطرف الثالث"والبلطجية الذي كان يروج له في مصر.
لكن ماحدث بعد ذلك بدا وكأنه ثورة ضد شعب سورية وليس ضد نظامها.
قرى ومدن دمرت ،مساكن ودور عبادة هدمت.
قتلى وجرحى ولاجئين
كأن سورية تتعرض لاحتلال خارجي وليس ثورة شعب
لم يثر الشعب –في رأيي-لكنه طرد من بلده
تم اجلاء أهل سورية لصالح آخرين
ارتدى الجميع نظاراتهم الأيدلوجية وهو ينظرون للأطفال تذبح فلم يعرفوا من الضحية ومن الجاني
وتحول الضحايا الى أرقام يضعها كل فريق في وسائل الاعلام ليبرر جرائمه
لكن لا أحد يدري من يقتل الشعب السوري؟ولصالح من؟
وكانت آخر الضربات من الجانب الصهيوني لتكتمل دوائر الصراع
تحولت أرض سورية الى ميدان كبير لمعركة عالمية ،كل الأطراف  تستعرض قوتها هناك
استعراض قوى،ضغوط،تصفية حسابات ،كلها تجري على الأرض السورية ،ولكن بعد أن أخرج الشعب السوري من المعادلة.
فالـ"مجاهدين"يحاربون النظام الفاسد
والجيش العربي القومي يحارب المرتزقة
ودول العالم بعضها يقف الى جانب الشرعية والبعض الآخر الى جانب الحرية
أما اسرائيل فدخلت للدفاع المشروع عن نفسها ولتضرب الأسلحة الايرانية التي كانت ستتجه عبر سوريا الى حزب الله في لبنان.
لكن أين شعب سورية؟لا أحد يراه
اختزلت القضية في شرعية نظام أو شرعية الجهاد ضده
وتحولت الدعوة الى وقف غارات المرتزقة على سوريا وكأنها دعوات لمساندة فساد النظام
وعلى الطرف الآخر أصبحت دعوة النظام لوقف العنف وكأنها دعوة لتسليم البلاد الى "الجهاديين"
وكأن بشار يعيد مقولة صاحبه مبارك:أنا أو الفوضى،ولكن بصياغة أخرى:أنا أو المرتزقة
لكننا لن نستجيب ولن يستجيب الشعب السوري لخياراتكم المفروضة عليه ،ستأتي الاجابة من الشعب بخيارات يطرحها الشعب ،لن يختار بين الظلم والفوضى ،أو بين القهر والتشريد
سيختار الشعب الحرية والأمان ،ولن يترك أرضه مسرحا لصراعات تحسمها كل قوة لصالحها دون النظر اليه.
وسيحقق السوريين القول الخالد:
اذا الشعب يوما أراد الحياة                فلابد أن يستجيب القدر
منى شماخ
الرأي العربي

                             24-5-2013 

لستم اسلاميين ولسنا علمانيين

لستم اسلاميين
ولسنا علمانيين
يحاول الأخوان وحاشيتهم الترويج لفكرة أنهم يمثلون التيار الاسلامي أو التيار الذي يؤمن بوجوب تطبيق الشريعة الاسلامية وتحكيم الدين في كل شئون الحياة ،بينما يمثل المعارضون لهم التيار العلماني الرافض للشريعة ،وتدخل الدين في السياسة.
والحقيقة أن المتابع لما فعله الأخوان المتأسلمون منذ توليهم ادارة الدولة حتى الآن يدرك كذب هذا الزعم تماما ،فلم نر أثر للدين في أفعالهم :أين تحريم الربا وهم يسعون للحصول على قرض صندوق النقد وغيره من القروض التي طالما وصفوها بالربوية؟
أين دعواتهم للجهاد والشهادة في سبيل القدس وهم لم يحركوا ساكنا عندما اعتدى الصهاينة على المسجد ومنعوا اقامة صلاة العشاء فيه؟
وغير ذلك كثير ،بل يمكن القول أن كل قرارات رئيسهم وكل مايقومون به من أعمال لا تندرج فقط تحت اسم العلمانية أو فصل الدين عن الدولة ،بل انها ضد كل تعاليم الدين بمعناه العام بدءا من عدم وفاء رئيسهم بوعوده مع من انتخبوه ،وحنثه بقسمه على الاعلان الدستوري ،مرورا باهدار قيم العدل والمساواة وجعل مناصب الدولة حكرا على أهله وعشيرته،واستباحة دماء معارضيه .
كل هذا يؤكد أن القضية بين مؤيدي حكم الاخوان ومعارضيه ليست صراعا بين العلمانية والدين بل صراع بين جماعة لاتملك أي مقومات للحكم ،ولاتملك رؤية أو مشروع ،كل ما لديهم هو الرغبة في الانفراد بالسلطة ،ووسيلتهم في ذلك هي تخوين وتكفير الخصم ،ونقل المعركة الى أرض وهمية لا يراها غيرهم حتى يكون ادعاء النصر من وحي خيالهم وحدهم،وبين من يرفضون كل ذلك ويصرون على استكمال الثورة والقضاء على الفساد بكل صوره.
القضية ليست علمانية ضد تدين ،ولا حتى بين تفسيرات مختلفة للاسلام ،هذه هي المعركة الوهمية التي يحاولون استدراجنا اليها.
معركتنا مع جماعة مستبدة تريد ادارة الدولة لصالح أفرادها فقط ،جماعة جاءت لترث النظام السابق بكل جرائمه بل وتضيف اليها الفشل حتى في ادارة الفساد .

منى شماخ

الرأي العربي
25-5-2013