الأربعاء، 27 أبريل 2016

النواب قالوا "نعم" لبيان الحكومة خوفا على "العدة"

هناك مشهد للفنان عادل امام في مسرحية "شاهد ماشافش حاجة " يحكي عن فاتورة التليفون التي جاءته بمكالمات زيادة وكيف أنه حرص على دفعها بل ودفع غرامة لتأخره في السداد وانه اضطر لذلك خوفا على العدة (مع انه ماعندوش تليفون).!!!
تذكرت هذا المشهد وأنا أستمع لتبرير بعض أعضاء مجلس الشعب وكيف أنهم وافقوا على بيان الحكومة رغم مابه من عوار وقصور تجعله لايرقى –في نظر كثيرين منهم – لاعتباره برنامجا،ورغم أنه –بشهادة كثيرين أيضا-لايحتوي على خطط بقدر احتوائه على شعارات وأمنيات .
وأن هذا البيان لم يضع برنامجا زمنيا ولا سياسات واضحة لحل المشاكل التي يعاني منها المواطن ،بما فيها الصحة والتعليم والبطالة
لكن هؤلاء اضطروا للموافقة حتى لا يترتب على رفضهم سحب الثقة من الحكومة (خايفين على العدة) رغم انها بالفعل حكومة أثبتت فشلها ،ولن يضير الشعب ولا عجلة التنمية حدوث هذا التغيير.
لكنه منطق الثبات على السئ القديم خوفا من القادم الجديد
للأسف هذا الخوف ظل الشعور الأقوى الذي يحرك غالبية الشعب أثناء حكم مبارك وكان المنطق السائد"اللي تعرفه أحسن من اللي ماتعرفوش" رغم اتفاق الغالبية أن "اللي تعرفه" سئ جدا !!!
ورغم قيام ثورة يناير ومانتج عنها من خلخلة النظام وكسر حاجز الخوف من التغيير الا أن هذا المنطق عاد من جديد مع أول استفتاء بعد الثورة على تعديل الدستور .
ليعود منطق الغالبية مرة أخرى أن "نعم" تعني الاستقرار.
ويظل السؤال المعلق بلا اجابة:استقرار على أي شئ؟
وهل يعد استمرار الفشل استقرارا؟
حتى الاستفتاء على "دستور الأخوان " كانت نتيجته :نعم ،حرصا على الاستقرار وعجلة الانتاج
وبعد عدة أشهر قالت الغالبية "نعم" مرة أخرى لتعديل نفس الدستور الذي تم اقراره.
ورغم أن كل "نعم" لم ينتج عنها الا مزيد من الفشل الا أن غالبية الشعب لاتزال متمسكة بها خوفا على الاستقرار أو "العدة" رغم انه لايوجد استقرار ولا توجد عدة .
وأنا على يقين أنه لو عرض تعديل الدستور مرة أخرى لقالت الغالبية :نعم
وأخشى كذلك أنه لو حدث استفتاء على تنازل مصر عن سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير أن تأتي الاجابة بـ"نعم"
حرصا على الاستقرار وعلى "العدة".
فمتى يدرك الشعب ومن قبله نوابه أن "نعم" ليست هي الاجابة الصحيحة دائما
وأن الثبات ليس هو الحالة المثالية
وأن الابقاء على المياه الراكده خوفا من الظمأ منطق غير مقبول
فاغلاق النوافذ خوفا من رياح التغيير لن يجدي نفعا اذا هب الاعصار
 نشر بموقع الطريق 21 ابريل 2016

نقتل محمود ونشوف

في مشهد يضم الرائعين محمود مرسي وشادية تم تلخيص فكر الطغاة  بعبارة قصيرة على لسان الفنان محمود مرسي :نقتل محمود ونشوف
المشهد من فيلم شئ من الخوف الذي تم انتاجه عام 1969 واخرجه حسين كمال عن قصة قصيرة للكاتب ثروت أباظة،و كتب الشاعرعبد الرحمن الأبنودي حوار وأغاني الفيلم.
الفيلم –كما نعرفه جميعا-يحكي قصة عتريس (محمود مرسي) الذي يفرض سلطته على أهالي القرية مستعينا ببطش عصابته وضعف الأهالي واستكانتهم .
كان عتريس يحب فؤادة (شادية) منذ طفولته ولكن فؤادة تتحدى عتريس بفتح الهويس الذي أغلقه عقاباً لأهل القرية ولأن عتريس يحب فؤادة لا يستطيع قتلها فيقرر أن يتزوجها.
حافظ (محمد توفيق) أبو فؤادة لا يستطيع أن يعصى أمر عتريس فيزوجها له بشهادة شهود باطلة.
وعندما يعلم أهل القرية ذلك تبدأ المقاومة فهم تنازلوا عن كرامتهم وأموالهم لكنهم لن يفرطوا في عرضهم .
يبدأ رجال عتريس في تفقد أحوال القرية لمعرفة قادة المقاومة ويستقون معلوماتهم من عبيط القرية (جهاز استخبارات واعلام الطغاة)
يتزعم الشيخ إبراهيم (يحيى شاهين)  حركة المقاومة فينكل به عتريس ورجاله ويغرقون أرضه ليصمت لكن الشيخ يزداد قوة
يقرر عتريس قتل محمود (ابن الشيخ ) وعنما تعلم فؤاده ذلك تنتفض وتحاول اثناء عتريس عن قراره
فيجيبها أنها اذا خضعت فلن يقتل محمود
لكنها ترفض وتخبره أنها كانت له بالعهد الذي قطعاه معا ،كانت له وهي حرة ،لكنه نقض العهد فلن تصبح له حتى وهي أسيرة في بيته ،لن تهب نفسها خوفا بعد أن نقض ميثاقه معها.
ثم تخبره بالحقيقة التي يرفض كل طاغية استيعابها:أن محمود (الثائر) ليس فردا ،وقتله لن يسكت الألسنة ولن يطفئ نيران الغضب ، اذا رفضت فؤاده الخضوع لن يموت محمود حتى لو قتل ،لأن البلد كلها ستصبح محمود
لكنها اذا استسلمت سيموتون جميعا لأنهم لن يستطيعوا رفع رؤوسهم.
يصر الطاغية على رأيه فتأتي نهايته وتشتعل ثورة أهل البلد وتنتقل الشرارة التي حاول اخمادها بالقوة الى كل منزل .
يجتمعون حاملين جثمان محمود الذي انتقلت روحه لهم جميعا فخرجوا رافضين التفريط في العرض يرددون صيحة الشيخ ابراهيم التي ظن عتريس أنه سيقضي عليها :جواز عتريس من فؤاده باطل....باطل....باطل
فالبطش لم يكسر ارادتهم لكنه كسر حاجز الخوف .
واحترق عتريس بنيران الغضب التي أشعلها في قلوب أهل البلد.
نشر بموقع الطريق 24 ابريل 2016

اسكت حتى لانراك

"تكلم حتى أراك"
عبارة قصيرة خالده قالها الفيلسوف سقراط ليعلم تلاميذه ان حديث الانسان هو مايخبر عن هويته ،وأن الوجود الحقيقي للانسان يكمن فيما يحمله عقله من أفكار وفي قدرته على التعبير عنها .
وربما فهمت الحكومات الديكتاتورية هذا الدرس جيدا ،فعملت على أن يصمت مواطنوها حتى لاتراهم ولايرى بعضهم بعضا فانقلبت العبارة الى :لاتتحدث حتى لا أراك
فالحديث – وليس الصياح - هو مايعبر عن وجود الشخص ،وما يمكن كل فرد من مشاركة فكره مع الآخرين ،فيتفاعل معهم ويؤثر ويتأثر بهم ،هنا يصبح المجتمع له وجود حقيقي ،مؤثر،لايمكن تجاهله
وماحدث في 25 يناير ومابعدها تجسيد حي لما أقول ،فعندما اجتمع الشعب المصري على قول واحد ،فرض وجوده وارادته على من كانوا يحكمون .
وانتشرت وقتهاعبارة ساخرة لكنها عبرت عن مغزى عميق: "الـ 80 مليون أخدوا أرقام بعض ،وهي رنة والكل حينزل الميدان" .
في اشارة الى أن أفراد الشعب تعارفوا ،تبادلوا الأفكار ،وتشاركوا الأهداف وأصبحوا كيانا واحدا .
حدث هذا عندما هجرنا الصمت ،عندما عبر كل فرد عما بداخله ،وعندما تكلمنا ،اكتشفنا –على اختلافاتنا- أننا شركاء في المعاناة ،والآلام والآمال.
وكما يخبرنا التاريخ فان جدار الصمت اذا تحطم فمن الصعب أن يبنى مرة أخرى .
ولكن ماذا حدث؟
لم نعد نتكلم ...اختلفت اللغة ،واختلطت المفاهيم ،انقلب الحوار الى صراخ ..الآراء تحولت الى اتهامات ...والأفكار صارت شائعات ،انتشر الضباب حولنا فصار كل منا يرى الآخر شبحا يهدده.
لم يعد كلام الشخص هو مايخبرنا عنه ...بل أصبحت رؤيتنا المسبقة له هي ماتفسر لنا مايقول ،فنقبل كل قول وعمل ممن نرضى عنه ،ونرفض بل ونجرم كل فعل أو قول ممن نختلف معه.

وهنا لم تعد هناك حاجة لبناء جدر الصمت والخوف ،ولم تعد مقولة  :لاتتكلم حتى لاأراك ،مناسبة ،بل تحولت الى :تكلم كما شئت فلن أراك الا كما أريد
نشر بموقع الشرقية بوست 17 سبتمبر 2015

الثلاثاء، 26 أبريل 2016

ديمقراطية خارج الصندوق


سجل المصريون خلال الخمس سنوات الأخيرة – منذ قيام ثورة 25 ينايروحتى الآن- رقما قياسيا في عدد مرات الذهاب الى صناديق الانتخاب بدأت بالاستفتاء على التعديلات الدستوريه  في مارس 2011،ثم انتخابات مجلس الشعب ،تبعها انتخابات مجلس الشورى عام 2012 ،فالانتخابات الرئاسية ،ثم الاستفتاء على الدستور ،وانتهت كل هذه الأعراس الديمقراطية (كما كان يطلق عليها الاعلام) الى لاشئ ليعاود المصريون الكرة مرة أخرى بالاستفتاء على تعديل الدستور (الذي وافقوا عليه منذ عام )،ثم الانتخابات الرئاسية وأخيرا انتخابات مجلس الشعب ،وفي انتظار انتخابات المجالس المحلية (مالم يجد جديد).
والملفت للنظر ان اقبال المصريين على صناديق الانتخاب في تراجع مستمر ،فهل كفروا بالديمقراطية  أم انهم غير مهيئين لها كما قال البعض؟
لكن هل الديمقراطية تعني الانتخابات؟
وهل الانتخابات – مهما بلغت نزاهتها-تؤدي الى حكم ديمقراطي؟
يضع  روبرت دال - عميد علماء السياسة الأميركية.- الانتخابات الحرة والنزيهة ضمن شروط الحكم الديمقراطي ، مؤكداُ على ضرورة أن يسبق إجراء تلك الانتخابات مجموعة من الحريات والحقوق ، معتبراً أن الترتيب هو:
- حرية الحصول على المعلومات من مصادر متعددة
- حرية التعبير
– حرية التنظيم وتشكيل مؤسسات مستقلة
– إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
أي أن الانتخابات الحرة والنزيهة هي "ذروة الديمقراطية وليس بدايتها" ، فالانتخابات لا تسبق الديمقراطية، وهي لا تنتجها  ولاتنتج الحريات والحقوق.
الديمقراطية ثقافة شاملة متكاملة،تشمل كل نواحي الحياة، بداية من العلاقة بين الأفراد فيما بينهم، والعلاقة ما بين الأفراد والمجتمع، وصولاً إلى العلاقة ما بين الفرد والدولة .
وهي ممارسة حرية الرأي بضمان القانون والدستور، وحرية الفكر والنقد والمساءلة الحقيقية، فالديمقراطية هي التي تؤمن حقوق المواطن ضد اساءة استخدام السلطة من قبل الحكام
وهى وسيلة لتحقيق الحكم الرشيد الذى يحقق مصالح المواطنين، ويؤمنهم ضد الفساد الناتج عن السلطة المطلقة، ويحافظ على استقرار المجتمع وسلامته، من خلال عمليات التصحيح المستمرة التى تكافئ الناجح، وتعاقب الفاشل .
وممارسة المواطن للديمقراطية لا تكون عبر صناديق الاقتراع بالاختيار بين بدائل مفروضة عليه  بقوانين غير عادلة . بل لابد أن يضمن النظام الحاكم بيئة تسمح بحرية الحركة للأحزاب، وفتح الأفق السياسى واحترام القانون والدستور، والعمل على تكوين الوعى السياسى للمواطن ليستعيد ثقته بفكرة العمل السياسى، وثقافة الاختيار الصحيح، ويدرك أن بإمكانه أن يشارك وأن يؤثر ويغير .
الديمقراطية  ليست ترفا بل هى وسيلة لتحقيق غاية اساسية وهى الحكم الرشيد، او الحكم الصالح، الذى يحقق مصالح الناس، ويمكنهم من مواجهة الفساد، ويحافظ على وجودهم واستقرار مجتمعاتهم ، فاذا تحقق ذلك تكون الديمقراطية وسيلة لضمان استمرار هذا الحكم واستقراره من خلال عمليات التصحيح المستمرة التى تكافئ الناجح، وتعاقب الفاشل .

لايوجد شعب غير صالح للديمقراطية ...ولكن توجد أنظمة غير صالحة للبقاء ،فهي تخشى اعطاء فرصة الاختيار الحر لمواطنيها  وأقصى مايمكنها عمله هو حشدهم أمام الصناديق لتنفيذ توجيهات أمنية تصيغها وسائل الاعلام بطرق مختلفة.
نشر بموقع الشرقية توداي 16 يناير 2016

الكفاح الوطني راية تتناقلها الأجيال


"جيل قتلنا بصمته وعجزه سنوات"
عبارة تتردد على ألسنة كثير من الشباب المصري ،يقولها بعضهم على استحياء ،ويجهر بها آخرون في وجه كل من يعارضهم من جيل الآباء.
ونجد هؤلاء يؤرخون للحركة الثورية في مصر منذ 25 يناير 2011 أو فترة الاستعداد لها.
والحقيقة أن الأحداث السياسية والاجتماعية لاتنتج من فراغ ،ولا يمكن بتر حدث ما ونزعه من سياقه التاريخي واعتباره وليد لحظة وقوعه.
والثورات ،وان كانت تبدو ظواهر فريدة في تاريخ الأمم الا أنها ناتج تراكمي للحراك الوطني وليست طفرة عشوائية .
ومن الطبيعي أن يقوم الشباب بهذا الحراك الوطني ، فهم أصحاب المبادرة دائما ،وهم أكثر فئات المجتمع قدرة واستعدادا للتواجد في الصفوف الأمامية .
ولأن التاريخ يكتبه المنتصر ،ولأن وسائل الاعلام كانت في يد الحاكم وحده ،فمن الطبيعي أن يمحو الطاغية أي أثر لمعارضيه وأن يغطي على كل الأصوات التي تخالفه.
وسأذكر شبابنا بعناوين بعض الصحف القومية يوم 26يناير 2011 والصور التي نشرتها لمواطنين يحتفلون بعيد الشرطة ويوزعون الورود على رجالها.
سأذكرهم بما كانت تنقله قنوات الدولة وماكان يقوله مراسلوها عن "المتآمرين" في ميدان التحرير.
وأسالهم :ماذا لو لم قم ثورة يناير في وجود وسائل الاتصال الاجتماعي ،و القنوات الفضائية ،والهواتف المزودة بكاميرات؟
وماذا كان سيقال عن تلك الأحداث لو لم يسقط مبارك ؟
ما أؤكد عليه أن الحراك الثوري الوطني لم ينقطع ،لم يستكن آباؤكم ولم يصمتوا ولم يعجزوا لكن لم يكن باستطاعتهم كتابة خطوات نضالهم في سجلات التاريخ،فلم يكن التاريخ يدون الا تحت اشراف الحاكم.
سأذكر لكم أحداثا قرأت عن بعضها ،وعاصرت بعضها وشاركت في جزء منها :
-  عام 1968 ثار عمال حلوان بعد حكم المحكمة العسكرية على ضباط الطيران المتهمين بالإهمال في هزيمة يونيو،لاعتبارهم أنَّ الاحكام متساهلة مع المتسببين في الهزيمة، شارك آلاف الطلاب في تلك الانتفاضة،ألقي القبض على كثيرين ،وأصيب آخرين، ثم تم احتواء الأزمة .
- في نوفمبر من نفس العام بدأت اضطرابات طلابية بسبب إعلان قانون جديد للتعليم لم يوافق عليه الطلبة،فانطلقت المظاهرات في الجامعات والمدارس  
وألقي القبض على مئات الطلاب وبعد حوالي ثلاثة أشهر أطلق سراحهم وأرسل قادتهم إلى الخدمة العسكرية.
- في عهد السادات كانت مظاهرات الطلبة عام 1972 للمطالبة بمحاربة اسرائيل
ألقي القبض على قادة الانتفاضة وأغلقت الجامعة بقرار من الرئيس .
-قام العمال بالعديد من الاضرابات والمظاهرات عامي 76،77،حتى كانت المظاهرات العارمة التي حدثت عقب رفع أسعار السلع عام 79 ،وتم الرجوع عن تلك القرارات واعتقال قادة الحركة ،وأطلق عليها "انتفاضة الحرامية"(نموذج صارخ لطمس وتشويه الحركة الوطنية ).
- في نهاية حكم السادات اندلعت المظاهرات المعارضة لمعاهدة كامب ديفيد تبعها حملة اعتقالات واسعة لقادة الحركة الوطنية.
-شهد عام 86 مظاهرات حاشدة  في أغلب الجامعات المصرية بعد مقتل سليمان خاطر ، تم التعامل معها بقوة ،وتصويرها في وسائل الاعلام على أنها محاولات "قلة مندسة لزعزعة الاستقرار"
تبعتها مظاهرات أخرى اعتراضا على مشاركة إسرائيل في سوق القاهرة الدولي .
-ساندت الحركة الطلابية انتفاضة الحجارة الفلسطينية في 1987،وخرجت المظاهرات تطالب بقطع العلاقات مع اسرائيل وتتهم نظام مبارك بالعمالة
-عام 98 خرج طلاب مصر منددين بالقصف الأمريكي على العراق مهاجمين نظام مبارك الذي اكتفى بمصمصة الشفاه في العلن و بالشماتة في النظام العراقي في السر .
-في سبتمبر 2000 خرجت جموع الطلبة للاحتجاج على اقتحام شارون للمسجد الأقصى و في جامعة الإسكندرية اشتعلت مظاهرات سلمية ضخمة واجهتها شرطة مبارك بالرصاص الحي مما أدى إلى استشهاد طالب .
 -20 مارس 2003 بعد الهجوم الأمريكي على العراق تحرك الطلاب إلى ميدان التحرير و شاركهم في ذلك أبناء الشعب المصري
-2004 بدأت حركة كفاية مظاهراتها ورفضها للتوريث بتظاهرة امام دار القضاء.
ماسبق كان عرضا سريعا يوضح تواصل الحراك الوطني الذي لم تنقطع موجاته ،لكن سدود الأنظمة القمعية أحاطت به وحاولت اخفائه ،حتى كانت الموجة العاتية التي أطاحت بتلك السدود في يناير 2011.

وستستمر الراية من جيل لجيل

نشر بالحوار المتمدن 21مارس 2016

الصورة ليست طبق الأصل


هناك صورة شهيرة توضح دور الاعلام في تزييف الحقيقة،الصورة لجندي أسير عن يمينه شخص يسقيه ماء ،وعن يساره آخر يصوب البندقية تجاه رأسه.
اذا عرضت الصورة من ناحية اليمين فقط ظهر لك الأسير وهو يسقى بالماء فتظن أنه يلاقي معاملة حسنة.
واذا التقطت الصورة من اليسار ظهرت البندقية مصوبة لرأس الأسير فتعتقد أنه يعاني سوء المعاملة.
هذا مايفعله الاعلام المصري –للأسف- فلا يعرض الا زاوية واحدة للصورة ولا يعرض الحدث الا من خلال رؤية مبتورة تخدم توجه القائمين عليه.
ولايمكن أن ننكر حق الاعلام في تبني موقف محدد أو الانحياز لوجهة نظر معينة ،لكن هناك فرق بين بتر الخبر أو تلوينه لتغيير الحقيقه ،وبين تبني تفسير معين للحدث .
فاذا أخذنا مثالا لماحدث في الاسكندرية وما تناقلته وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن مائدة الافطار لشعرنا أن هناك حدثان منفصلان تماما ،فلايمكن أن يتصور من قرأ عن دخول الاسكندرية موسوعة جينيس للأرقام القياسية بتنظيمها أطول مائدة افطار ،وما صحب هذا الخبر من صور لكورنيش الاسكندرية وامتداد الموائد بطوله بشكل رائع أن هذا الحدث هو نفسه ماقيل عنه أنه فضيحة كبرى وأن صور المشاجرات والمخلفات الملقاة بطول الكورنيش صور حية تعبر عن وقائع نفس الخبر.
هذا النهج نجده في كثير مما نستقبله من أخبار :خبر في قناة أو صحيفة ما ،ونقيضه تماما في قناة وصحيفة أخرى .
ولا يقتصر هذا التشويه –المتعمد- على نقل الأخبار فقط ،بل يتعداها الى التصريحات والأحاديث الصحفية ،فعلى سبيل المثال –لا الحصر- قرأت منذ أيام حديثا مع الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر،وكان العنوان الرئيسي المفترض أنه مقتبس من كلامها : "الحجاب عادة يهودية والسلفيون صهاينة"
وبالرجوع الى الحوار وجدت العنوان "المقتبس" بعيد كل البعد عن تصريحات الدكتورة آمنه ،وأن الصحفي خلط –عمدا أو جهلا- بين كلمتي :الحجاب والنقاب ،كما خلط بين مفهومي:الصهاينة وأحبار اليهود.
وهذا أحد الأمثلة التي تتكرر كثيرا ،فنجد العناوين التي تشير الى خبر أو حديث أو فيديو بعيدة كل البعد عن مضمون هذه المواد،وللأسف فان المتلقي –نظرا لضيق الوقت أو العجلة وربما الهوى الشخصي –يكتفي بقراءة العناوين ويبني آراءه أو يدعم مواقفه على أساسها.

والاعلام  – كغيره من المؤسسات والمنظومات في مصر- بحاجة الى اصلاح شامل ،والى ارساء قواعد مهنية وسلوكية تنظم عمله ،وتحقق التوازن بين الحرية في نقل الأخبار والمعلومات وطرح الآراء والأفكار من جهه والالتزام بالحيادية والمهنية من جهه أخرى .
وعلينا نحن – جماهير وسائل الاعلام - أن نتعلم كيف ننظر الى الأوجه المتعددة للصورة ،وألا نكتفي بالزاوية التي تخدم توجهنا وتؤيد وجهة نظرنا ،بل نسعى للبحث عن الحقيقة .
نحرص على أن تكون رغبتنا في المعرفة سابقة على رغبتنا في تدعيم وجهة نظرنا .
نبني قناعتنا على ما نجمعه من معلومات ، بدلا من أن نصدق المعلومات التي تتفق مع قناعتنا فقط.
نتعلم أن الكذب هو مايخالف الحقيقة وليس ما يتعارض مع مانؤمن به من أفكار.

مقال نشر بموقع الشرقية بوست أغسطس 2015

25 يناير ميلاد جديد

 التعريف التقليدي للثورة المستمد من الثورة الفرنسية هو:قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة
فالثورة تغيير مفاجئ عادة تستخدم فيه القوة ،لكن القوة لاتعني دائما قوة السلاح ،قد تكون قوة الضغط الشعبي وهذا ماحدث في أوكرانيا ومصر
ولا يشترط أن يكون التغيير للأفضل،فقد تأتي الثورة بنظام أسوأ من الذي انقلبت عليه،وهذا مايحدث عادة في الفترات الانتقالية التي تعقب الثورات ،ومرة أخرى نعود للثورة الفرنسية التي مرت بثلاث مراحل واستغرقت 10 سنوات قبل أن تصل لمرحلة النضج أو النجاح.
وقد لجأ النظام المصري السابق إلى  سياسات  اقتصادية وإعلامية وتعليمية أنتجت حالة من الشلل السياسي والاجتماعي ، أحدث قيما سلبية سادت المجتمع المصري ، ساعدت النظام على توطيد دعائمه اعتمادا على التشويه الذي حدث للمجتمع وكان من الأثر السياسي لهذه القيم خلق معارضة مشوهة لا تعبر عن الشعب أو حتى عن تيارات أو جماعات حقيقية ،وإنما يعبر كل فرد فيها عن نفسه
معارضة لا يمكن الاعتماد عليها كشريك في عملية تداول السلطة، بل لا يمكن الاعتماد عليها في التأثير على سياسات الحكومة
هذا التشويه المتعمد كان هدفه الحفاظ على السلطة القائمة بحجة غياب البديل أو على الأقل عدم وجود ما هو أفضل مما هو كائن،وهذا ماكان يروج له النظام ،ولاقى قبولا لدى بعض قطاعات من الشعب
كان الوضع السابق معناه البقاء  في دائرة مفرغة :سياسات تؤدي إلى تجريف الحياة السياسية وعدم وجود أي بديل للنظام السياسي القائم ،وعدم القدرة على تداول السلطة رغم الادعاء بوجود الحريات اللازمة لذلك،بما يعني بقاء السلطة القائمة التي تسعى بدورها للقضاء على أية محاولة لتطوير المجتمع وأنظمته الاقتصادية والاجتماعية.
حتى حدثت ثورة 25 يناير لتمثل قوة دفع أخرجت المجتمع من تلك الدائرة وفجرت الطاقات التي لم يعلم بوجودها أغلب أفراد المجتمع أنفسهم،أثبتت ثورة يناير أن النظام السابق لم يستطع القضاء على إرادة الحياة التي احتفظ بها الشعب واستطاع الانتصار لها رغم كم الفساد الهائل الذي أحاط به.
فجرت الثورة طاقات المجتمع وإمكانات أفراده ، كسرت حاجز الزمن وأدخلتنا إلى المستقبل الذي ظننا أننا لن ندركه ،إلا بعد سنوات طويلة،وبقي أن نستثمر هذه القوة الدافعة لتستمرفي إسقاط الآليات والفكر الذي حكم المجتمع حتى وصلنا إلى ما كنا فيه ،والقضاء على آليات الفساد التي مكنت لمثل هؤلاء الأشخاص أن يسعوا في بلادنا فسادا دون رادع ،هذه الآليات هي الهدف ،وليس فقط الأشخاص الذين أفرزتهم هذه الآليات
المهم أن التغيير بدأ ولن يتوقف قد يتعثر أو يتجه الى طريق غير مرغوب فيه ،لكن تعديل المسار ممكن طالما بدأ السير
25 ينايركانت ثورة وستبقى حتى تحقق أهدافها
فالثورة فعل غاضب يهدم القديم ،ثم يبدأ في بناء الجديد،وبين الهدم والبناء قد نفقد بعض المعالم،وتختلط الأمور ،لكن تبقى حقيقة أن القديم يتصدع ،ولا يمكن عودته مرة أخرى ،حتى لو حاول البعض ذلك وتوهم أن بامكانه ترميم القديم واحياؤه فسيأتي بناؤه متصدعا ،حاملا أسباب انهياره ،ولن يحتاج حتى الى ثورة أخرى لتقضي عليه.