واستجاب القدر
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
يبدو أن هذا القول الشهير للشاعر العظيم أبو القاسم الشابي سيصبح قانونا طبيعيا حتمي الحدوث.
نعم إذا توفر الشرط الأول:الشعب يريد الحياة،فلابد من تحقق القانون :يستجيب القدر ويهب الحياة للشعب.
فعلها أهل تونس عندما انتفضوا على طاغيتهم وزلزلوا عرشه الذي كان يظن أنه راسخ رسوخ الجبال ،فإذا به يهوي إلى الدرك الأسفل،ويخرج ذليلا يتسول مكانا لإقامته وإقامة أسرته.
وفعلها المصريون عندما أجبروا رئيسهم على التنحي بعدما ظن أنه وطد دعائم الملك له ولابنه من بعده.
لكن ما حدث في مصر وتونس ربما كان له ما يبرره ،فالقوات المسلحة في البلدين انحازت إلى جانب أبناء الوطن ،رفض الجنود وقادتهم توجيه سلاحهم إلى شعوبهم ،فهم لم يحملوا السلاح للدفاع عن الحاكم ،بل حملوه دفاعا عن الوطن وأبنائه.
أما ما حدث في ليبيا فله شأن آخر ،فقد قالها “العقيد المهزوم” صراحة :ليبيا ليست مصر وتونس .
فللعقيد قواته المسلحة التي تحميه وتحمي أبناءه،له قواته الخاصة وجنوده من المرتزقة الذين يصوبون أسلحتهم وفقا لأوامر سيدهم بصرف النظر عن عقيدتهم أو انتمائهم.
ليبيا ليست مصر وتونس،فالنظام هناك لا يتردد في ارتكاب أية جريمة طالما ستخرجه من مأزقه وتقضي على هؤلاء الذين تجرءوا وخرجوا يطالبون بأبسط حقوقهم.
لم يستح القذافي من توجيه السلاح إلى أبناء شعبه العزل،لم يستح من ارتكاب أبشع الجرائم ،حتى استحق بجدارة لقب نيرون العرب.
لكن الغريب أن القدر استجاب لإرادة الشعب ،ووهب له الحياة التي واجه من أجلها الموت ليتحقق القانون مرة أخرى ،مهما اختلفت الظروف ومهما اشتد بطش الحاكم ،وضراوته في الدفاع عن ملكه.
كان القذافي على استعداد أن يبيد الشعب الليبي بكامله في سبيل أن يبقى في الحكم ،كذلك كان الليبيون على استعداد لأن يبذلوا أنفسهم وأبناءهم في سبيل التخلص من هذا الطاغية ،فكانت الغلبة لإرادة الشعب.
وكانت العدالة الإلهية التي نسيها هؤلاء الطغاة هي السلاح الأقوى في يد المستضعفين .
وكان نجاح الثورة الليبية بشرى لكل المستضعفين من أبناء الشعوب العربية ،وتأكيدا جديدا على أن نصر الله نتيجة حتمية لمن يأخذ بالأسباب مهما ضعفت إمكاناته ،ومهما عظمت إمكانات جلاده.
لكن يبدو أن الحكام لا يقرؤون –ليس فقط التاريخ-لكنهم لا يقرؤون الصحف أيضا، فها هو بشار –الذي ينافس القذافي على لقب نيرون-لازال يعتقد أن بإمكانه حجب ضوء الشمس ،لازال يعتقد أن صوت قنابله ودباباته سيعلو فوق هتافات الشعب.
يا بشار :
سوريا هي مصر وتونس وليبيا
ومصيرك سيكون النفي أو المحاكمة أو…..
يا حكام العرب ،ويا كل حكام العالم افهموا الدرس جيدا :
ليس باستطاعة الحاكم أن يتغلب على إرادة شعبه .
موقع الرأي العربي 23 أغسطس 2011
موقع الرأي العربي 23 أغسطس 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق