الثلاثاء، 24 أبريل 2012

ضياع الهوية



ضياع الهوية


(الأمة المصرية) عبارة لها دلالتها ،ومفهوم يعبر عن ماهية واقعية
فمصر كانت دائما (أمة)ذات طابع خاص من بدء تكوينها،ولايخفى على أحد هذه "الخصوصية التاريخية"التي تمتعت بها مصر على مدى العصور -رغم عدم تمتعها باستقلالها أغلب فترات التاريخ-
فمصر تحت الحكم الروماني لها طابع خاص،رغم تبعيتها السياسية للدولة الرومانية الا أنها احتفظت بشخصيتها الخاصة سواء فيما يتعلق باللغة أو العقيدة
كذلك فترة (الحكم الاسلامي)كانت مصر دائما تشكل وحدة متميزة غير قابلة للذوبان 
وعلى الرغم من التوجه القومي العربي لثورة يوليو ،وحلم الوحدة العربية للزعيم الراحل جمال عبد الناصر الا أن هذا التوجه لم يمثل أبدا محاولة طمس معالم الشخصية المصرية لصالح "شخصية عربية"موحدة
ولاشك أن كل من الفترات السابقة شهدت هجرات متبادلة (دائمة أو مؤقتة)بين مصر وسائر البلاد العربية ،لكن هذا أيضا لم يكن له تأثير يذكر على الشخصية المصرية وخصوصيتها الثقافية 
لكن ماحدث بعد ذلك أمر غريب ،دعوني أرصد بعض مظاهره :
(1)
في الأحياء الشعبية المصرية اختفت ملامح "الزي المصري التقليدي"ليحل محله "زي أهل الصحراء"
اسمحوا لي بوقفة متأنية لشرح ما أقصده تحديدا،ولأوضح بداية أني لا أستهين بتقاليد الشعوب ،ولا أنتقص من قدر ثقافة شعب لحساب ثقافة أخرى ،فلكل ملامحه التي رسمتها أيدي أبنائه على مدى تاريخه 
كما أني لا أطالب بالجمود تحت مسمى الأصالة ،فليس ما يهمني هو احتفاظ أبناء الأحياء الشعبية بالزي التقليدي ورفض"الملابس العصرية"لكن أن تتحول ملابس هؤلاء الى نمط يتبع ثقافة أخرى ،بصورة تنطمس معها ملامح شخصيتهم ،فهذا ما أرفضه.
ربما يرى البعض أن هذا هو (الزي الاسلامي)وأن اعتراضي عليه انما هو اعتراض على (ماهو معلوم من الدين بالضرورة)لكني أوضح :
-الاسلام لم يدخل مصر في ثمانينات القرن الماضي فقط ،فمصر دولة (اسلامية)امتزجت عادات أهلها بتعاليم الدين .
-"الزي الشعبي المصري"الذي أتحدث عنه لا يقل احتشاما عن "الزي الصحراوي"الذي أرفضه.
‎-عندما يرتدي الشخص لباسا معينا ايمانا منه بأن الله أمره بذلك ،يصبح المظهر هنا جزءا من العقيدة.
وعندما تنتقل "المظاهر"من مجتمع ما الى مجتمع آخر فهذا يعني أن المجتمع المقلد فقد هويته.
(2)
في الفترة الأخيرة ظهرت العديد من القنوات "الدينية"على الفضائيات ،لم أشك لحظة أنها تابعة لاحدى دول الخليج،فمظهر مقدميها ولهجتهم تدل على ذلك ،بالاضافة لما يناقشونه من أفكار ،وما يصل اليهم من رسائل خاصة في مواضيع تتعلق بالاختلاط بين الجنسين ،وهي أمور غير واردة في المجتمع المصري
لكني علمت أن هذه القنوات تُبث من مدينة الانتاج الاعلامي وأن هؤلاء (الشيوخ)مصريين !!!!
عندها تذكرت الشيخ الشعراوي رحمه الله 

هذه بعض مظاهر "ضياع الهوية" التي لا أجد لها سببا سوى أننا قد أصبحنا قوالب سهلة التشكيل ،قابلة للذوبان في أي ثقافة أخرى طالما فقدنا الانتماء لمجتمعنا.
1يناير 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق