الثلاثاء، 24 أبريل 2012

صف لي جنتك أقل لك من أنت


صف لي جنتك أقل لك من أنت

كيف نقدر العمل ،ونحترم الفضيلة اذا كانت الصورة المثالية التي نسعى اليها خالية من كل هذه القيم؟


تمثل الجنة في نفوس المؤمنين الهدف الأساسي والمحور الذي تقوم عليه حياتهم
ويسعى المتدين الى تقييم أعماله على أساس ما يقربه من الجنة أو ما يبعده عنها
لكن ماهي هذه (الجنة)التي يتمناها؟
أعتقد أن مفهوم الجنة في الثقافة الاسلامية له معنى خاص ،ومواصفات ألصقتها المرويات ،أعطت لـ(جنة المسلمين)مفهوما كان له أكبر الأثر على سائر نواح الحياة.
هل تذكرون صورة الجنة التي رسمناها أو بمعنى أدق رُسمت في أذهاننا في طفولتنا؟
الجنة مكان نحصل فيه على كل مانريد ،ولكن ما هو هذا الشئ أو الأشياء التي سنريدها في الجنة؟
المأكولات والمشروبات بالطبع
ثم تطورت هذه الصورة لتقدم للذكور الخمر والنساء
أي أن الانسان يلتزم بالـعبادات والطاعات واجتناب المحرمات في الدنيا ليحصل عليها في الجنة!!!!!
الخمر فيها اثم كبير ،والزنا فاحشة ،لكنهما مكافأة للمؤمن في الجنة!!!!
هذا التناقض في فهمنا وادراكنا للأمور ألقى ظلاله على ثقافتنا وتعاملنا مع الحياة
بل أن صورة الجنة كمكان للكسالى ومحترفي المتعة أثر كذلك على تقديرنا للعمل كقيمة في حد ذاته
كيف نقدر العمل ،ونحترم الفضيلة اذا كانت الصورة المثالية التي نسعى اليها خالية من كل هذه القيم؟

ربما اعترض البعض بأن الله وعد المؤمنين باعطائهم "ماتشتهي أنفسهم" مكافأة لهم في الجنة
لكن "ماتشتهي الأنفس"هنا هو ماتشتهيه النفس "الصالحة"،وأظن أن هذه النفس لايمكن أن يكون أقصى ما تتمناه هو شرب الخمر واللهو مع "النساء"
أرجو أن تكون صورة "الجنة"التي نحلم بها انعكاسا لما تريده أنفسنا فعلا ،عندما نرقى بها الى درجة "الذين آمنوا وعملوا الصالحات"

وأعود للسؤال:هل تصورنا للـجنة ينتج عن قراءتنا للنصوص الدينية أو هي فكرة تنبع من داخلنا ،أو فكرة توارثناها تعكس ثقافتنا؟
ما أستطيع قوله هو أن صورة الجنة في ذهن (عامة المسلمين) لا تتفق مع مكانة الانسان وقدره بين المخلوقات،هل يمكن أن تكون غاية الصالحين هي الخلود على الأرائك متمتعين بالمأكل والمشرب ومعاشرة النساء!
أرى أن هذه الصورة لا تنبع من آيات القرءان الكريم (أما فيما يخص التوراة والانجيل فلم أجد كلمة "جنة"الا فيما يتعلق بالحديث عن جنة آدم وحواء ،لكن ربما جاء الوصف تحت مسمى آخر )بل هي ناتج أهوائنا وثقافتنا تجعلنا نقرأ الآيات بفهم مسبق يصور ماتشتهيه نفوس المؤمنين مرادفا للمتع الحسية والشهوات الدنيا.
عن نفسي أرى أن الجنة مكان به شروط أفضل للحياة
مكان تسود فيه قيم الاخاء والمساواة(ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين)
بالاضافة الى تجلي الحرية في أعلى صورها (لهم فيها ما تشتهي أنفسهم)
أما الحديث عن توفر المأكل والمشرب بلا مجهود فهذا ليس من قبيل اعفاء الانسان من العمل ،فهدف الانسانية ليس هذا ،وانما يعني توفرها في الجنة أن يواصل الانسان عمله فيما هو أهم .
1 ابريل 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق