الثلاثاء، 26 أبريل 2016

ديمقراطية خارج الصندوق


سجل المصريون خلال الخمس سنوات الأخيرة – منذ قيام ثورة 25 ينايروحتى الآن- رقما قياسيا في عدد مرات الذهاب الى صناديق الانتخاب بدأت بالاستفتاء على التعديلات الدستوريه  في مارس 2011،ثم انتخابات مجلس الشعب ،تبعها انتخابات مجلس الشورى عام 2012 ،فالانتخابات الرئاسية ،ثم الاستفتاء على الدستور ،وانتهت كل هذه الأعراس الديمقراطية (كما كان يطلق عليها الاعلام) الى لاشئ ليعاود المصريون الكرة مرة أخرى بالاستفتاء على تعديل الدستور (الذي وافقوا عليه منذ عام )،ثم الانتخابات الرئاسية وأخيرا انتخابات مجلس الشعب ،وفي انتظار انتخابات المجالس المحلية (مالم يجد جديد).
والملفت للنظر ان اقبال المصريين على صناديق الانتخاب في تراجع مستمر ،فهل كفروا بالديمقراطية  أم انهم غير مهيئين لها كما قال البعض؟
لكن هل الديمقراطية تعني الانتخابات؟
وهل الانتخابات – مهما بلغت نزاهتها-تؤدي الى حكم ديمقراطي؟
يضع  روبرت دال - عميد علماء السياسة الأميركية.- الانتخابات الحرة والنزيهة ضمن شروط الحكم الديمقراطي ، مؤكداُ على ضرورة أن يسبق إجراء تلك الانتخابات مجموعة من الحريات والحقوق ، معتبراً أن الترتيب هو:
- حرية الحصول على المعلومات من مصادر متعددة
- حرية التعبير
– حرية التنظيم وتشكيل مؤسسات مستقلة
– إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
أي أن الانتخابات الحرة والنزيهة هي "ذروة الديمقراطية وليس بدايتها" ، فالانتخابات لا تسبق الديمقراطية، وهي لا تنتجها  ولاتنتج الحريات والحقوق.
الديمقراطية ثقافة شاملة متكاملة،تشمل كل نواحي الحياة، بداية من العلاقة بين الأفراد فيما بينهم، والعلاقة ما بين الأفراد والمجتمع، وصولاً إلى العلاقة ما بين الفرد والدولة .
وهي ممارسة حرية الرأي بضمان القانون والدستور، وحرية الفكر والنقد والمساءلة الحقيقية، فالديمقراطية هي التي تؤمن حقوق المواطن ضد اساءة استخدام السلطة من قبل الحكام
وهى وسيلة لتحقيق الحكم الرشيد الذى يحقق مصالح المواطنين، ويؤمنهم ضد الفساد الناتج عن السلطة المطلقة، ويحافظ على استقرار المجتمع وسلامته، من خلال عمليات التصحيح المستمرة التى تكافئ الناجح، وتعاقب الفاشل .
وممارسة المواطن للديمقراطية لا تكون عبر صناديق الاقتراع بالاختيار بين بدائل مفروضة عليه  بقوانين غير عادلة . بل لابد أن يضمن النظام الحاكم بيئة تسمح بحرية الحركة للأحزاب، وفتح الأفق السياسى واحترام القانون والدستور، والعمل على تكوين الوعى السياسى للمواطن ليستعيد ثقته بفكرة العمل السياسى، وثقافة الاختيار الصحيح، ويدرك أن بإمكانه أن يشارك وأن يؤثر ويغير .
الديمقراطية  ليست ترفا بل هى وسيلة لتحقيق غاية اساسية وهى الحكم الرشيد، او الحكم الصالح، الذى يحقق مصالح الناس، ويمكنهم من مواجهة الفساد، ويحافظ على وجودهم واستقرار مجتمعاتهم ، فاذا تحقق ذلك تكون الديمقراطية وسيلة لضمان استمرار هذا الحكم واستقراره من خلال عمليات التصحيح المستمرة التى تكافئ الناجح، وتعاقب الفاشل .

لايوجد شعب غير صالح للديمقراطية ...ولكن توجد أنظمة غير صالحة للبقاء ،فهي تخشى اعطاء فرصة الاختيار الحر لمواطنيها  وأقصى مايمكنها عمله هو حشدهم أمام الصناديق لتنفيذ توجيهات أمنية تصيغها وسائل الاعلام بطرق مختلفة.
نشر بموقع الشرقية توداي 16 يناير 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق