الثلاثاء، 26 أبريل 2016

الكفاح الوطني راية تتناقلها الأجيال


"جيل قتلنا بصمته وعجزه سنوات"
عبارة تتردد على ألسنة كثير من الشباب المصري ،يقولها بعضهم على استحياء ،ويجهر بها آخرون في وجه كل من يعارضهم من جيل الآباء.
ونجد هؤلاء يؤرخون للحركة الثورية في مصر منذ 25 يناير 2011 أو فترة الاستعداد لها.
والحقيقة أن الأحداث السياسية والاجتماعية لاتنتج من فراغ ،ولا يمكن بتر حدث ما ونزعه من سياقه التاريخي واعتباره وليد لحظة وقوعه.
والثورات ،وان كانت تبدو ظواهر فريدة في تاريخ الأمم الا أنها ناتج تراكمي للحراك الوطني وليست طفرة عشوائية .
ومن الطبيعي أن يقوم الشباب بهذا الحراك الوطني ، فهم أصحاب المبادرة دائما ،وهم أكثر فئات المجتمع قدرة واستعدادا للتواجد في الصفوف الأمامية .
ولأن التاريخ يكتبه المنتصر ،ولأن وسائل الاعلام كانت في يد الحاكم وحده ،فمن الطبيعي أن يمحو الطاغية أي أثر لمعارضيه وأن يغطي على كل الأصوات التي تخالفه.
وسأذكر شبابنا بعناوين بعض الصحف القومية يوم 26يناير 2011 والصور التي نشرتها لمواطنين يحتفلون بعيد الشرطة ويوزعون الورود على رجالها.
سأذكرهم بما كانت تنقله قنوات الدولة وماكان يقوله مراسلوها عن "المتآمرين" في ميدان التحرير.
وأسالهم :ماذا لو لم قم ثورة يناير في وجود وسائل الاتصال الاجتماعي ،و القنوات الفضائية ،والهواتف المزودة بكاميرات؟
وماذا كان سيقال عن تلك الأحداث لو لم يسقط مبارك ؟
ما أؤكد عليه أن الحراك الثوري الوطني لم ينقطع ،لم يستكن آباؤكم ولم يصمتوا ولم يعجزوا لكن لم يكن باستطاعتهم كتابة خطوات نضالهم في سجلات التاريخ،فلم يكن التاريخ يدون الا تحت اشراف الحاكم.
سأذكر لكم أحداثا قرأت عن بعضها ،وعاصرت بعضها وشاركت في جزء منها :
-  عام 1968 ثار عمال حلوان بعد حكم المحكمة العسكرية على ضباط الطيران المتهمين بالإهمال في هزيمة يونيو،لاعتبارهم أنَّ الاحكام متساهلة مع المتسببين في الهزيمة، شارك آلاف الطلاب في تلك الانتفاضة،ألقي القبض على كثيرين ،وأصيب آخرين، ثم تم احتواء الأزمة .
- في نوفمبر من نفس العام بدأت اضطرابات طلابية بسبب إعلان قانون جديد للتعليم لم يوافق عليه الطلبة،فانطلقت المظاهرات في الجامعات والمدارس  
وألقي القبض على مئات الطلاب وبعد حوالي ثلاثة أشهر أطلق سراحهم وأرسل قادتهم إلى الخدمة العسكرية.
- في عهد السادات كانت مظاهرات الطلبة عام 1972 للمطالبة بمحاربة اسرائيل
ألقي القبض على قادة الانتفاضة وأغلقت الجامعة بقرار من الرئيس .
-قام العمال بالعديد من الاضرابات والمظاهرات عامي 76،77،حتى كانت المظاهرات العارمة التي حدثت عقب رفع أسعار السلع عام 79 ،وتم الرجوع عن تلك القرارات واعتقال قادة الحركة ،وأطلق عليها "انتفاضة الحرامية"(نموذج صارخ لطمس وتشويه الحركة الوطنية ).
- في نهاية حكم السادات اندلعت المظاهرات المعارضة لمعاهدة كامب ديفيد تبعها حملة اعتقالات واسعة لقادة الحركة الوطنية.
-شهد عام 86 مظاهرات حاشدة  في أغلب الجامعات المصرية بعد مقتل سليمان خاطر ، تم التعامل معها بقوة ،وتصويرها في وسائل الاعلام على أنها محاولات "قلة مندسة لزعزعة الاستقرار"
تبعتها مظاهرات أخرى اعتراضا على مشاركة إسرائيل في سوق القاهرة الدولي .
-ساندت الحركة الطلابية انتفاضة الحجارة الفلسطينية في 1987،وخرجت المظاهرات تطالب بقطع العلاقات مع اسرائيل وتتهم نظام مبارك بالعمالة
-عام 98 خرج طلاب مصر منددين بالقصف الأمريكي على العراق مهاجمين نظام مبارك الذي اكتفى بمصمصة الشفاه في العلن و بالشماتة في النظام العراقي في السر .
-في سبتمبر 2000 خرجت جموع الطلبة للاحتجاج على اقتحام شارون للمسجد الأقصى و في جامعة الإسكندرية اشتعلت مظاهرات سلمية ضخمة واجهتها شرطة مبارك بالرصاص الحي مما أدى إلى استشهاد طالب .
 -20 مارس 2003 بعد الهجوم الأمريكي على العراق تحرك الطلاب إلى ميدان التحرير و شاركهم في ذلك أبناء الشعب المصري
-2004 بدأت حركة كفاية مظاهراتها ورفضها للتوريث بتظاهرة امام دار القضاء.
ماسبق كان عرضا سريعا يوضح تواصل الحراك الوطني الذي لم تنقطع موجاته ،لكن سدود الأنظمة القمعية أحاطت به وحاولت اخفائه ،حتى كانت الموجة العاتية التي أطاحت بتلك السدود في يناير 2011.

وستستمر الراية من جيل لجيل

نشر بالحوار المتمدن 21مارس 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق