التعريف التقليدي للثورة المستمد من الثورة الفرنسية هو:قيام الشعب بقيادة
نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة
فالثورة تغيير مفاجئ عادة تستخدم فيه القوة ،لكن القوة لاتعني
دائما قوة السلاح ،قد تكون قوة الضغط الشعبي وهذا ماحدث في أوكرانيا ومصر
ولا يشترط أن يكون التغيير للأفضل،فقد تأتي الثورة بنظام
أسوأ من الذي انقلبت عليه،وهذا مايحدث عادة في الفترات الانتقالية التي تعقب الثورات
،ومرة أخرى نعود للثورة الفرنسية التي مرت بثلاث مراحل واستغرقت 10 سنوات قبل أن تصل
لمرحلة النضج أو النجاح.
وقد لجأ النظام المصري السابق إلى سياسات
اقتصادية وإعلامية وتعليمية أنتجت حالة من الشلل السياسي والاجتماعي ، أحدث
قيما سلبية سادت المجتمع المصري ، ساعدت النظام على توطيد دعائمه اعتمادا على التشويه
الذي حدث للمجتمع وكان من الأثر السياسي لهذه القيم خلق معارضة مشوهة لا تعبر عن الشعب
أو حتى عن تيارات أو جماعات حقيقية ،وإنما يعبر كل فرد فيها عن نفسه
معارضة لا يمكن الاعتماد عليها كشريك في عملية تداول السلطة،
بل لا يمكن الاعتماد عليها في التأثير على سياسات الحكومة
هذا التشويه المتعمد كان هدفه الحفاظ على السلطة القائمة
بحجة غياب البديل أو على الأقل عدم وجود ما هو أفضل مما هو كائن،وهذا ماكان يروج له
النظام ،ولاقى قبولا لدى بعض قطاعات من الشعب
كان الوضع السابق معناه البقاء في دائرة مفرغة :سياسات تؤدي إلى تجريف الحياة السياسية
وعدم وجود أي بديل للنظام السياسي القائم ،وعدم القدرة على تداول السلطة رغم الادعاء
بوجود الحريات اللازمة لذلك،بما يعني بقاء السلطة القائمة التي تسعى بدورها للقضاء
على أية محاولة لتطوير المجتمع وأنظمته الاقتصادية والاجتماعية.
حتى حدثت ثورة 25 يناير لتمثل قوة دفع أخرجت المجتمع من تلك
الدائرة وفجرت الطاقات التي لم يعلم بوجودها أغلب أفراد المجتمع أنفسهم،أثبتت ثورة
يناير أن النظام السابق لم يستطع القضاء على إرادة الحياة التي احتفظ بها الشعب واستطاع
الانتصار لها رغم كم الفساد الهائل الذي أحاط به.
فجرت الثورة طاقات المجتمع وإمكانات أفراده ، كسرت
حاجز الزمن وأدخلتنا إلى المستقبل الذي ظننا أننا لن ندركه ،إلا بعد سنوات طويلة،وبقي أن نستثمر هذه القوة الدافعة لتستمرفي إسقاط الآليات والفكر الذي حكم المجتمع حتى وصلنا إلى ما
كنا فيه ،والقضاء على آليات الفساد التي مكنت لمثل هؤلاء الأشخاص أن يسعوا في بلادنا
فسادا دون رادع ،هذه الآليات هي الهدف ،وليس فقط الأشخاص الذين أفرزتهم هذه الآليات
المهم أن التغيير بدأ ولن يتوقف قد يتعثر أو يتجه الى طريق
غير مرغوب فيه ،لكن تعديل المسار ممكن طالما بدأ السير
25 ينايركانت ثورة وستبقى حتى تحقق أهدافها
فالثورة فعل غاضب يهدم القديم ،ثم يبدأ في بناء الجديد،وبين
الهدم والبناء قد نفقد بعض المعالم،وتختلط الأمور ،لكن تبقى حقيقة أن القديم يتصدع
،ولا يمكن عودته مرة أخرى ،حتى لو حاول البعض ذلك وتوهم أن بامكانه ترميم القديم واحياؤه
فسيأتي بناؤه متصدعا ،حاملا أسباب انهياره ،ولن يحتاج حتى الى ثورة أخرى لتقضي عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق