هناك مشهد للفنان عادل امام في مسرحية "شاهد ماشافش حاجة " يحكي
عن فاتورة التليفون التي جاءته بمكالمات زيادة وكيف أنه حرص على دفعها بل ودفع
غرامة لتأخره في السداد وانه اضطر لذلك خوفا على العدة (مع انه ماعندوش تليفون).!!!
تذكرت هذا المشهد وأنا أستمع لتبرير بعض أعضاء مجلس الشعب وكيف أنهم وافقوا
على بيان الحكومة رغم مابه من عوار وقصور تجعله لايرقى –في نظر كثيرين منهم –
لاعتباره برنامجا،ورغم أنه –بشهادة كثيرين أيضا-لايحتوي على خطط بقدر احتوائه على
شعارات وأمنيات .
وأن هذا البيان لم يضع برنامجا زمنيا ولا سياسات واضحة لحل المشاكل التي
يعاني منها المواطن ،بما فيها الصحة والتعليم والبطالة
لكن هؤلاء اضطروا للموافقة حتى لا يترتب على رفضهم سحب الثقة من الحكومة
(خايفين على العدة) رغم انها بالفعل حكومة أثبتت فشلها ،ولن يضير الشعب ولا عجلة
التنمية حدوث هذا التغيير.
لكنه منطق الثبات على السئ القديم خوفا من القادم الجديد
للأسف هذا الخوف ظل الشعور الأقوى الذي يحرك غالبية الشعب أثناء حكم مبارك
وكان المنطق السائد"اللي تعرفه أحسن من اللي ماتعرفوش" رغم اتفاق
الغالبية أن "اللي تعرفه" سئ جدا !!!
ورغم قيام ثورة يناير ومانتج عنها من خلخلة النظام وكسر حاجز الخوف من
التغيير الا أن هذا المنطق عاد من جديد مع أول استفتاء بعد الثورة على تعديل
الدستور .
ليعود منطق الغالبية مرة أخرى أن "نعم" تعني الاستقرار.
ويظل السؤال المعلق بلا اجابة:استقرار على أي شئ؟
وهل يعد استمرار الفشل استقرارا؟
حتى الاستفتاء على "دستور الأخوان " كانت نتيجته :نعم ،حرصا على
الاستقرار وعجلة الانتاج
وبعد عدة أشهر قالت الغالبية "نعم" مرة أخرى لتعديل نفس الدستور
الذي تم اقراره.
ورغم أن كل "نعم" لم ينتج عنها الا مزيد من الفشل الا أن غالبية
الشعب لاتزال متمسكة بها خوفا على الاستقرار أو "العدة" رغم انه لايوجد
استقرار ولا توجد عدة .
وأنا على يقين أنه لو عرض تعديل الدستور مرة أخرى لقالت الغالبية :نعم
وأخشى كذلك أنه لو حدث استفتاء على تنازل مصر عن سيادتها على جزيرتي تيران
وصنافير أن تأتي الاجابة بـ"نعم"
حرصا على الاستقرار وعلى "العدة".
فمتى يدرك الشعب ومن قبله نوابه أن "نعم" ليست هي الاجابة
الصحيحة دائما
وأن الثبات ليس هو الحالة المثالية
وأن الابقاء على المياه الراكده خوفا من الظمأ منطق غير مقبول
فاغلاق
النوافذ خوفا من رياح التغيير لن يجدي نفعا اذا هب الاعصار
نشر بموقع الطريق 21 ابريل 2016