لا يختلف انسان على بشاعة الحادث الارهابي الذي تعرضت له الكنيسة البطرسية
بالعباسية يوم الأحد الماضي.
مواطنون مصريون عزل يؤدون صلاتهم في مكان عبادتهم ليأتي شاب في ربيع عمره
ومقتبل حياته يحكم على نفسه وعليهم بالموت.
عمل لاتقل غرابته عن بشاعته
ماذا دفع هذا الشاب للانتحار؟ أي معتقد أمره بأن يقدم على التضحية بحياته
ليقتل أبرياء لا تربط بينه وبينهم أية علاقة وربما لم يرهم من قبل؟؟؟
وماالذي يجب علينا عمله لنتجنب تكرار مثل هذا الفعل؟
الغريب أنني سمعت اجابة هذا السؤال في كثير من الفضائيات وكلها تتطابق في
تقديم الحل:تغيير الدستور،التوسع في المحاكمات العسكرية للمدنيين ،اغلاق معبر رفح
!!!!
لا أعرف أي دستور يمكنه أن يثني مثل هذا الشاب عن قتل نفسه وقتل غيره؟
أية محاكمات عسكرية يمكنها تقديم أحكام أشد مما حكم به هو على نفسه؟
الشاب حكم على نفسه بالموت ،وضع دستوره وقوانينه الخاصة به وحكم بموجبها
على نفسه وغيره بالقتل، ولم يترك لنا فرصة محاسبته.
الشاب تمت ادانته من قبل ، قُبض عليه منذ عامين وبحوزته قنبلة ،ماذا فعلنا
معه؟
ماذا فعلنا مع كل الشباب الذين تم القبض عليهم في أحداث عنف؟
هناك من تم حبسه وقضى فترة العقوبة وهناك من تم الافراج عنه .
يجب ألا نتعامل مع هؤلاء من منطلق قانوني فقط ،هؤلاء مرضى يحملون أفكارا
تدين المجتمع ،علينا التعامل مع هذه الأفكار ليس بكبتها والقضاء على من يحملها
وليس بالتفتيش في العقول وتغليظ العقوبة
على من يخالفنا الرأي ،بل بالاحتواء واعادة تأهيل هؤلاء الشباب .
نبحث في أسباب كراهيتهم لمجتمعهم وانفصالهم عنه ،وكيف استقطبهم شيوخهم
واستطاعوا السيطرة عليهم الى حد جعلهم يستهينون بالحياة نفسها.
هؤلاء الشباب انتموا لمن أشعرهم بأهميتهم ،لمن أعطاهم معنى لوجودهم وأملا
حتى لو كان هذا الأمل يتحقق بالموت.
علينا أن نحاسب أنفسنا أولا لنعرف لماذا فرطنا في هؤلاء الشباب وكيف
تركناهم عزل لا يقدرون على مواجهة مثل تلك الأفكار الهادمة ،وعندها سنعرف كيف
يمكننا استعادة هؤلاء ،ليس بالمحاكمات العسكرية ولا باغلاق معبر رفح وليس بازدراء
حقوق الانسان كما يروج شياطين الفضائيات ولكن باعلاء قيمة الانسان وارساء مبادئ
حرية الفكر والعقيدة .
ماذا يميزنا عن الارهابي اذا كنا سنكفرمثله بالحرية وبالانسان ؟
العنف في مواجهة الأفكار يزيدها قوة وقتل صاحب الفكرة أو التنكيل به يدعم
فكرته وينشرها ،وعلى مر العصوركانت المجتمعات المنغلقة والسجون بيئة خصبة لانتشار الأفكار المتطرفة
،التي يظهر تهافتها وضعفها بمجرد خروجها للنور.
فالأفكار المتطرفة كالفيروسات لا تنتشر الا في الأماكن المغلقة ،والفكر
الحر هو وحده القادر على تحصين صاحبه ضد التطرف.
نشر بموقع الطريق في 15 ديسمبر 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق