الأحد، 18 ديسمبر 2016

أنا الوطن والوطن أنا


"أنا الدولة والدولة أنا"
قول مشهور ينسب للملك الفرنسي لويس الرابع عشر الذي تولى حكم فرنسا منذ 1643 و حتى 1715.
عبارة بسيطة موجزة تختصر فلسفة حكم الفرد وتبرر كل مايقوم به الحاكم من قمع وتنكيل بمعارضيه ،فالحاكم هو الدولة ،ومعارضته خيانة ،ومحاولة انهاء حكمه هدم لكيان الدولة.
فالحاكم والنظام السياسي والدولة كيان واحد لايمكن تجزئته ،الحاكم هو النظام والنظام هو الدولة.
واذا كان هذا هو الفكر السياسي الذي حكم فرنسا قديما الا أنه لازال سائدا عند أغلب حكام العالم الثالث ،بل ان العبارة تتحول الى :"أنا الوطن والوطن أنا".
وعندها يصبح الحاكم وحاشيته و كل ما يتعلق برجال الدولة خطاً أحمر لا يجب الإقتراب منه ،  فيصبح كل من ينتقد الحاكم أو يقف في وجهه أو يعترض على قراراته و يخالفه في رأيه ،  خائنا للوطن يجب القصاص منه ومن كل من يعاونه بل ومن يرضى عن أفعاله.
وفي أوقات الأزمات ـوهي دائمة في بلادناـ تزداد قابلية الشعوب لتصديق هذه المزاعم ،ويصبح الدفاع عن الحاكم دفاعا عن الوطن ،والولاء له مرادفا لمعنى الوطنية.
ولكن في الواقع يجب  التمييز بين الدولة والحكومة، فمفهوم الدولة أكثر اتساعا من الحكومة، الدولة كيان شامل يتضمن جميع مؤسسات المجتمع وأفراده بوصفهم مواطنين، وهو ما يعني أن الحكومة ليست إلا جزءا من الدولة. فالحكومة هي الوسيلة التي تمكن الدولة من أداء مهامها ، الدولة كيان له صفة البقاء والاستمرار بينما الحكومة مؤقتة بطبيعتها ، وقد يتعرض نظام الحكم للتغيير أو التعديل، ولكن تبقى الدولة.
اسقاط الحكومة وتغييرها بالطرق السلمية هى أحد الاستحقاقات الديمقراطية وقواعدها التى يجب التسليم بها ولكن ليس من حق أى فصيل سياسى أن يسعى لإسقاط الدولة تحت أي مسمى.
ويجب أن تنتمي مؤسسات الدولة للشعب وليس للنظام السياسي ،الشرطة لأمن المواطن، والجيش لأمن الوطن، والقضاء يحكم بالعدل فلا تتحول أحكامه أداة للانتقام وتصفية الحسابات.
فالدولة هي القانون. والنظام هو السياسة ،واذا اختلط المفهومان فقد القانون قدرته على تأمين المساواة والعدل في المجتمع.  وهنا يستعير النظام من الدولة مؤسساتها الأمنية، ليفرض بالقوة سلطته وهيمنته على المجتمع.

خلط المفاهيم بين الحاكم والوطن والدولة والنظام لن يحمي الحاكم ونظامه لكنه سيفقد الدولة هيبتها والوطن قدسيته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق