الخميس، 20 أكتوبر 2016

وزارة الامتحانات


يظل موضوع الثانوية العامة من أكثر الموضوعات أهمية واثارة للقلق والجدل في البيت المصري ،وجاءت "كارثة" تسريب الامتحانات لتضيف المزيد من التحديات والأعباء على الطلبة وأسرهم والمسؤولين عن التعليم  حتى أشيع أن الامتحانات ستتم باشراف جهات سيادية وبتأمين من وزارة الدفاع.
وهنا وصل العبث الى ذروته ،وبدلا من البحث عن اصل الداء بحثنا عن علاج العرض
اعتبرنا تسريب نموذج الاجابة جريمة ،رغم أن الجريمة هي وجود مثل هذا النموذج
اعتبرنا تسريب الامتحان افسادا للعملية التعليمية وكان الأجدر أن نتساءل ماذا يضيف هذا الامتحان للعملية التعليمية؟
بل نتساءل أولا عن هدف العملية التعليمية أو فلسفة التعليم في مصر
واعني بالفلسفة القصد من العملية التعليمية كلها.. وهل نعلم أولادنا لنملأ عقولهم بالمعلومات، ام ليناقشوا وينقدوا ويخرجوا مما تعلموا بنتائج جديدة تضيف لحياتهم وحياتنا؟
العملية التعليمية في مصر تقوم على عملية تلقين وحفظ فهي عملية ملء عقول الطلاب بمعلومات وأحكام جاهزة وليست عملية ابداع ، هي عملية تلقين وليست عملية تفاعل .
ثم تأتي المرحلة الأخيرة من الحصاد لتقيّم الطالب وفقا للمعلومات التي استقرت في ذاكرته ،وتقيس مدى تفوقه بمقدار تطابق اجاباته مع النموذج الأوحد للاجابة.
بينما تقوم العملية التعليمية في العالم المتقدم على فكرة تعليم الطالب كيف يقرأ ويبحث ويبتكر اي كيف يستخدم عقله، كيف يفكر وكيف يضع أفكاره في حيز التنفيذ ،كيف يتعلم وكيف يقيم ماتعلمه ، وقد طالب الفيلسوف جون ديوي بأن تكون المدارس واحة للتجريب والاستكشاف بدلا من أن تكون ميداناً للتلقين والتحفيظ، وأن تسعى العملية التعليمية لاثارة التساؤل والتفكير الناقد والجدل العلمي أكثر من أن تبدأ بالشرح وتنتهي بالاختبارات .
ولكل أُمة أولوياتها.. فمنها من يضع التنمية الإقتصادية أولوية وبالتالي ترتكز الفلسفة التعليمية حول أهمية الإستقرار  الإقتصادي والإنتاج، مثل ألمانيا ،وهناك الفلسفة التعليمية اليابانية التي تهدف الى بناء الشخصية القومية من خلال تعلم الفنون اليابانية بالاضافة الى العلوم الحديثة والتركيز على البيئة والانسان،وتعليم الطالب عددا من القدرات والقيم الخلقية واكسابه القدرة على التقييم  النقدى للسياسات فى ضوء معايير الحضارة اليابانية والحضارة الإنسانية
وهناك من الأمم من يرى أن التنمية الثقافية تأتي في المقدّمة، فترتكز فلسفتها التعليمية إلى معالجة الإشكاليات الثقافية التي تُفجر نزاعات وحروبا أيديولوجية وطائفية.
فماهي أولوياتنا ؟وماهي منطلقات فلسفتنا التعليمية ؟
أرى أن العملية التعليمية ليست سوى سباق لجمع أكبر قدر من الدرجات تمكن من الالتحاق بمايسمى "كليات القمة" للتفاخر واكتساب مكانة اجتماعية معينة.
 التعليم في مصر يستنسخ العقول ولا يربيها
وبناءا عليه تم اختزال ناتج العملية التعليمية في ورقة تحوي "نموذج اجابة"
ورقة اهتزت لها وزارة التعليم وانتفضت من أجلها جهات سيادية وصرح قانونيون أنها تعد أمنا قوميا .
لاتحاسبوا من سرب نموذج الاجابة
بل حاسبوا من وضعه ومن اختزل عقول أبنائنا ومستقبلهم في ورقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق