من الأخطاء الشائعة في مصر- وما أكثرها- ربط مجانية التعليم بالعهد الناصري
،وبالفكر الاشتراكي بصفة عامة ،رغم أن التاريخ يؤكد أن مجانية التعليم صاحبت
النهضة التعليمية التي قامت في عهد محمد علي وأنها استمرت حتى دخول الاحتلال
البريطاني مصر عام 1882،ثم عادت الى مصر عام 1944بعد أن قدم أحمد الهلالي (وزيرالمعارف ) تقريرا الى مجلس النواب
عن اصلاح التعليم في مصر - وكان الدكتور طه حسين مستشارا فنيا للوزارة وقتها- وأكد الهلالي على أهمية أن يكون التعليم
حقا لجميع المواطنين ،يجب أن يقوم على المساواة التى هى أساس الديمقراطية التى يكفلها
الدستور(دستور 1923): " لأنه ليس من العدالة الاجتماعية أن تكون مهمة الطبقة العاملة
أن تكدح وتكدح، وننكر عليها حقها فى التفكير وفى الاستمتاع بنور العلم".
وبالفعل صدرقرار وزاري بتقرير مجانية التعليم الابتدائي عام
1944.
وعندما عرضت وزارة المعارف على الدكتور طه حسين ،بعد فوز
الوفد فى انتخابات البرلمان أواخر عام 1949، اشترط اقرار مجانية التعليم الثانوي
وقد كان له ما أراد فتم بذلك اقرار مجانية التعليم الابتدائي والثانوي والفني .
وقد حاول الدكتور طه حسين أن يجعل التعليم العالي مجانيا أيضا فلم يسمح له
،لكن من يحصل على أكثر من 60% في التوجيهية (الثانوية العامة) كان يعفى من
المصروفات الجامعية ويستمر فى هذا إذا حافظ على تقدير لا يقل عن جيد،حتى تم اقرار مجانية التعليم العالي عام
1962.
ومصر ليست استثناءا في هذا المجال انما يشاركها بل ويسبقها فيه غالبية دول
العالم ، فكثير من البلاد في شمال أوروبا تمتد مجانية التعليم فيها الى مرحلة
الدراسات العليا ، وفي الأرجنتين و النرويج وفنلندا الدراسة الجامعية
مجانية حتى للطلاب الأجانب .
وحتى وقتٍ قريب كان التعليم مجانيا للطلاب الأجانب في السويد
ثم أصبح قاصرا على الطلاب من بلاد الاتحاد الأوروبي فقط ،وفي الدانمرك أيضا يوجد تعليم
مجاني للجميع بل يحصل طلاب التعليم العالي على راتب شهري، وفي الأرجنتين واليونان يقدم
التعليم المجاني لجميع المستويات .
وفي البرازيل التعليم مجاني أيضا وتقدم وزارة التعليم منحا دراسية لدرجات الدراسات
العليا والماجستير والدكتوراه وما بعد الدكتوراه للبرازيليين والمهاجرين الذين يحملون
الجنسية البرازيلية.
والأمثلة كثيرة لأنظمة التعليم المجاني في أنحاء العالم ،فالتعليم استثمار
للدولة في مواطنيها ،خدمة اجبارية تقدمها الحكومات وحق من حقوق المواطن لايمكن
التنازل عنه .
نشر في موقع الطريق بتاريخ 19 مارس 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق